فصل: باب التنازع:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: خزانة الأدب وغاية الأرب (نسخة منقحة)



.مقتل أبي علي بن مروان وولاية أخيه أبي منصور.

كان أبو علي بن مروان قد تزوج بنت سعد الدولة بن سيف الدولة وزفت إليه من حلب وأراد البناء بها بآمد فخاف شيخها أن يفعل به وبهم ما فعل في ميافارقين فحذر أصحابه منه وأشار عليهم أن ينثروا الدنانير والدراهم إذا دخل ويقصدوا بها وجهه فيضربوه فكان كذلك ثم أغفله وضرب رأسه واختلط أصحابه فرمى برأسه إليهم وكر الأكراد راجعين إلى ميافارقين فاستراب بهم مستحفظها أن يملكوها عليه ومنعهم من الدخول ثم وصل مهد الدولة أبو منصور بن مروان ثم أخو أبي علي إلى ميافارقين فأمكنه المستحفظ من الدخول فملكه ولم يكن له فيه إلا السكة والخطبة ونازعه أخوه أبو نصر فأقام بها مضيقا عليه فغلبه أبو منصور وبعثه إلى قلعة أسعرد فأقام بها مضيقا عليه وأما آمد فتغلب عليها عبد الله شيخهم أياما وزوج بنته من ابن دمنة الذي تولى قتل أبي علي بن مروان فقتله ابن دمنة وملك آمد وبنى لنفسه قصرا ملاصقا للسور وأصلح أمره مع مهد الدولة بالطاعة وهادى ملك الروم وصاحب مصر وغيرهما من الملوك وانتشر ذكره.

.مقتل مهد الدولة بن مروان وولاية أخيه أبي نصر.

ثم إن مهد الدولة أقام بميافارقين وكان قائده شروة متحكما في دولته وكان له مولى قد ولاه الشرطة وكان مهد الدولة يبغضه ويهم بقتله مرارا ثم يتركه من أجل شروة فاستفسد مولاه شروة على مهد الدولة لحضوره فلما حضر عنده قتله وذلك سنة اثنتين وأربعمائة ثم خرج على أصحابه وقرابته يقبض عليهم كأنه بأمر مهد الدولة ثم مضى إلى ميافارقين ففتحوا له يظنونه مهد الدولة فملكها وكتب إلى أصحاب القلاع يستدعيهم على لسان مهد الدولة وفيهم خواجا أبو القاسم صاحب أرزن الروم فسار إلى ميافارقين ولم يسلم القلعة لأحد وسمع في طريقه بقتل مهد الدولة فرجع من الطريق إلى أرزن الروم وأحضر أبا نصر بن مروان من أسعرد وجاء به إلى أبيهم مروان وكان قد أضر ولزم قبر ابنه أبي علي بأرزن هو وزوجته فأحضره خواجا عنده واستحلفه عند أبيه وقبر أخيه وملك أرزن وبعث شروة من ميافارقين إلى أسعرد عن أبي نصر بن مروان ففاته إلى أرزن فأيقن بانتقاض أمره ثم ملك أبو نصر سائر ديار بكر ولقب نصير الدولة ودامت أيامه وأحسن السيرة وقصده العلماء من سائر الآفاق وكثروا عنده وكان ممن قصده أبو عبد الله الكازروني وعنه انتشر مذهب الشافعي بديار بكر وقصده الشعراء ومدحوه وأجزل جوائزهم وأقامت الثغور معه آمنة والرعية في أحسن ملكة إلى أن توفي.

.استيلاء نصير الدولة بن مروان على الرها.

كانت مدينة الرها بيد عطير وكاتبوا أبا نصر بن مروان أن يملكوه فبعث نائبه بآمد ويسمى زنك فملكها واستشفع عطير بصالح بن مرداس صاحب حلب إلى ابن مروان فأعطاه نصف البلد ودخل إلى نصير الدولة بميافارقين فأكرمه ومضى إلى الرها فأقام بها مع زنك وحضر بعض الأيام مع زنك في صنيع وحضر ابن النائب الذي قتله فحمله زنك على الأخذ بثأره فاتبعه لما خرج ونادى بالثأر واستنفر أهل السوق فقتلوه في ثلاثة نفر وكمن له بنو نمير خارج البلد وبعثوا من يغير منهم عليها فخرج زنك في العسكر ولما جاوز الكمين خرجوا عليه وقاتلوه وأصابه حجر فمات من ذلك فاتح ثمان عشرة وأربعمائة وخلصت الرها لنصير الدولة ثم شفع صالح بن مرداس في ابن عطير وابن شبل فرد إليهما البلد إلى أن باعه ابن عطير من الروم كما يأتي.

.حصار بدران بن مقلد نصيبين.

كانت نصيبين لنصير الدولة بن نصر بن مروان فسار إليها بدران بن المقلد في جموع بني عقيل وحاصرها فظهر على العساكر الذين بها وأمدهم نصير الدولة بعسكر آخر فبعث بدران من اعترضهم في طريقهم وهزمهم فاحتفل ابن مروان في الاحتشاد وبعث العساكر إلى نصيبين فخرجوا عليه فهزموه أولا ثم كر عليهم ففتك فيهم وأقام يقاتلهم حتى سمع بأن أخاه قرواش وصل إلى الموصل فخشي منه وارتحل عنها.

.دخول الغز إلى ديار بكر.

هؤلاء الغز من طوائف الترك وهم الشعب الذين منهم السلجوقية وقد تقدم لنا كيف أجازوا إلى خراسان لما قبض محمد بن سبكتكين على أرسلان بن سلجق منهم فحبسه وما ظهر من فسادهم في خراسان وكيف أوقع بهم مسعود بن سبكتكين من بعد أبيه محمود ففروا إلى الذين يريدون أذربيجان واللحاق بمن تقدم منهم هنالك ويسمون العراقية بعد أن عاثوا في همذان وقزوين وأرمينية وعاث الآخرون في أذربيجان وقتل وهشوذان صاحب تبريز منهم جماعة ثم عاثوا في الأكراد واستباحوهم ثم جاءهم الخبر بأن نيال إبراهيم أخا السلطان طغرلبك سار إلى الري فأجفلوا منها سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة ووصلوا أذربيجان واتصلت الأخبار بأن نيال في أثرهم فأجفلوا ثانيا خوفا منه لأنهم كانوا له ولإخوته رعية ولما أجفلوا سلك بهم الدليل في الجبال على الزوزان وأسهلوا إلى جزيرة ابن عمر فسار بعضهم إلى ديار بكر ونهبوا قزوين ويازيدي والحسنية وبقي آخرون بالجانب الشرقي من الجزيرة وسار آخرون إلى الموصل وكان سليمان بن نصير الدولة قيما بها فراسلهم في الصلح على أن يسير معهم إلى الشام فقبلوا ثم صنع سليمان صنيعا ودعا إليه ابن غرغلي وقبض عليه وحبسه وأجفل الغز في كل ناحية واتبعهم عساكر نصير الدولة وقرواش والأكراد البثنوية ثم قصدت العرب العراق للمشتى وعاد الغز إلى جزيرة ابن عمر فحصروها وخربوا ديار بكر نهبا وقتلا وصانعهم نصير الدولة بإطلاق منصور بن غرغلي الذي حبسه سليمان فلم يكف إطلاقه من فسادهم وساروا إلى نصيبين وسنجار والخابور ودخل قرواش الموصل كما نبهنا واتبعه طائفة منهم فكان من خبره معهم ما قدمناه في أخباره.